
بعد ذلك (قَالَ) يعني إبليس (فَبِعِزَّتِكَ)، هو هنا يقسم، وأقسم بعزة الله؛ لأنه يعتبر أنه قسم كبير، وهو حاقد: يعني يُريد أن يقسم على ما سيسعى لهُ، قسم لكن قسم كبير، {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ} لاحظوا هذا الكائن عارف بالله، وعارف حتى بعزة الله، {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص الآية: 82-83]، هو هُنا يقسم بأنه سينتقم أشد وأقسى انتقام من بني آدم، فما هو هذا الانتقام؟ هو يعتبر أن أخطر وأقسى ما يمكن أن يفعلهُ ببني آدم، بهذا الإنسان هو الإغواء لهذا الإنسان، إذا تمكن من إغواء هذا الإنسان فإنه بذلك يكون قد انتقم منه أشد انتقام يمكن؛ لأنه سيودي به إلى الشقاء في الدنيا، وإلى جهنم، يوصله إلى جهنم، وبهذا يعتبر نفسهُ انتقم اقسى انتقام، وفعلاً هذا يعتبر أخطر ما يمكن أن يفعلهُ بالإنسان، أن يسبب له ما يوصله إلى جهنم -والعياذ بالله- وإلى سخط الله في الدنيا والآخرة، وهو هنا يستثني، إبليس استثنى في قسمه، حتى لا يحنث في يمينه قال: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} بمعنى أنه هناك من لا يقدر على إغوائهم، هناك من لن يتمكن من إغوائهم، ولا من السيطرة عليهم، ولا من الإيقاع بهم بما يوصلهم إلى جهنم، الذين عبّدوا أنفسهم لله، وأخلصوا أنفسهم لله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى–.
اقراء المزيد